الدورة الثالثة للجوائز
تغيير الدورة:
الدورة الثالثة للجوائز
المواضيع المختارة في الدورة الثالثة، 2003-2004 لفئة جائزة حمدان العالمية الكبرى- أمراض الكلى الأسباب والعلاج، وعن فئة جائزة حمدان للبحوث الطبية المتميزة - الأمراض الفيروسية و البريونية الحديثة، تقنية الجراحة التنظيرية، العلاج الوقائي و اللاتدخلي في أمراض الجهاز الهضمي.

مواضيع الدورة

أمراض الكلى الأسباب والعلاج

تصيب أمراض الكلى الأشخاص من جميع الأعمار وتؤدي بالعديد من الأشخاص إلى الإكتئاب وقد تتسبب بالموت المبكر، أو يكون فشل كلوي عند الأطفال حديثي الولادة نتيجة لمشاكل خلقية وراثية، أو الأطفال بسبب مشاكل في الكلى أو نتيجة مضاعفات مرض آخر. وكذلك كبار السن المعرضين لمشاكل في الكلى اوالفشل الكلوي نظراً لتدهور صحتهم.
وتعتبر أمراض الكلى والفشل الكلوي من الأمراض الشائعة لدى الأشخاص المصابين بارتفاع ضغط الدم ومرض السكري وبتزايد ملحوظ في عدد الحالات المصابة بها، ولذلك فهما يشكلان ظاهرة مرضية مقلقة في شبه الجزيرة العربية، حيث أن هذه الزيادة في عدد الحالات سوف تؤدى بدورها إلى تزايد كبير في أعداد المصابين بأمراض الكلى ومضاعفاتها، الأمر الذي سوف يؤدي بدوره إلى الزيادة في عدد الوفيات من ناحية وبأعباء مالية كبيرة على النظام الصحي بأكمله من ناحية أخرى.  وبالتأكيد فإن معاناة المريض وحالته المرضية المزمنه لا تلقي بأعبائها عليه فقط بل على أفراد عائلته والمجتمع من النواحي المالية والإجتماعية، وخصوصاً إذا ما نظرنا إلى المستقبل الذي نرى فيه تزايد أعداد المرضى بشكل كبير في شبه الجزيرة العربية.
ما الذي يمكن عمله إزاء هذه مشكلة؟ فهي تحتاج إلى  جهود متضافرة من الباحثين والمتخصصين في طب المجتمع والأطباء المختصين من دراستها من كافة الجوانب 
ومع العلم بأن الجهود قائمة ومستمرة لفهم الفيزيولوجيا المرضية لأمراض الكلى، لإكتشاف وتطوير أساليب العلاج وخدمات الرعاية الصحية على المدى الطويل للمرضى الذين يعانون من أمراض الكلى. وهناك جهود كبيرة يقوم بهاالعديد من الأفراد لدراسة هذه المشاكل وهناك حاجة إلى تشجيعهم فهم يكرسون حياتهم العملية للدراسات في مجال علم الأمراض الكلى وتطبيقاتها.
جائزة الشيخ حمدان للعلوم الطبية تكرم الأفراد الذين يتفانون في تكريس قدراتهم البحثيه ويساهمون بعلومهم الطبية للتوصل إلى كل مامن شأنه المساهمه في تقليل الآثار الناجمة عن أمراض الكلى، والذي سوف يعود بالنفع الكبير على المواطنين من دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي والعالم باجمعه.

الأمراض الفيروسية و البريونية الحديثة

هي الإنتانات التي زادت نسب الإصابة بها في العقدين الماضيين أو يُتوقع زيادتها في المستقبل القريب. وتشمل هذه الأمراض المعدية، التي يمكن أن تتعدى الحدود بين البلدان وحتى القارات:
 
  • الأمراض المعدية الجديدة الناجمة عن تغير أو تطور الكائنات الموجودة.
  • الأمراض المعدية المعروفة التي تنتشر في مناطق جغرافية جديدة أو في مجموعات سكانية جديدة.
  • الأمراض المعدية التي لم يتم التعرف عليها في السابق وتظهر في مناطق خاضعة لتغييرات بيئية.
  • الأمراض المعدية القديمة التي تزايد ظهورها مجدداً نتيجة مقاومتها للصادات الحيوية المتداولة أو نتيجة حدوث خلل في تدابير الصحة العامة.
 
وبمعنى أوسع، فإن هذه الأمراض المعدية تشمل إنتانات من مثل الإيدز، وعدوى فيروس هانتا، وفيروسات الإنفلونزا عالية الإمراضية، وفيروس غرب النيل، وغير ذلك من الأمراض الفيروسية المعدية المنقولة عبر البعوض أو القراد، والحمى النزفية الفيروسية، وداء الكلب، والإنتانات الفيروسية الجدرية، والأمراض الفيروسية المخاطانية حيوانية المنشأ (فيروسات هيندرا، نيباه، مينانجل)، وحمى الضنك، والحمى الصفراء، وحمى الوادي المتصدع، والعدوى الفيروسية لمرض بورنا، والسُل، والعصيات القولونية المنتجة لذيفان "شيجا"، والكوليرا، وإيرلايكايوسيس، والطاعون، والجراثيم المتفطرة غير التي تسبب السُل، وداء البريميات (اللولبية النحيفة)، والتولاريمية، البورلية، والليجيونيلا، والبكتريا المقاومة للصادات الحيوية عموماً، وداء الليشمانيات، والبرداء، وداء المشوكات، والأمراض البريونية مثل الشكل الجديد؛ مرض كرويتزفيلد جيكوب.
ويعتبر الكثير من هذه الأمراض مهدداً للحياة، كما أنه يُحتم الحاجة إلى الرعاية الطبية المكثفة والباهظة التكلفة. ونتيجة للاحتباس الحراري العالمي وغيره من العوامل البيئية، تتزايد معدلات الإصابة بأمراض لطالما بقيت محصورة في المناطق الاستوائية وشبه المدارية، فتظهر هذه الأمراض أكثر وأكثر في المناطق الأبرد. كما أن التغييرات التي طرأت على الممارسات الزراعية والبيئات الحيوية والموائل الطبيعية تُحدث آثاراً كبيرة على وبائيات الأمراض المعدية. كما أن العولمة والتحركات الواسعة للإنسان (السياحة) والحيوان (نظراً إلى الجوانب التجارية) تحطم الحواجز البيئية والمادية والتنظيمية التي كانت قد حدت من انتشار العوامل الممرضة في السابق. ولهذا، يجب أن يكون العالم على دراية بأن أمراضاً بالغة الخطورة يمكن أن تظهر في أي مكان على نحو غير متوقع ولا بد أن يكون مستعداً لتلك الأحداث.
 
وللأسباب المذكورة أعلاه، فإن "الأمراض المعدية الفيروسية والبريونية الحديثة" تُعتبر منذ سنوات قليلة موضوعًا علميًا ساخنًا، حيث إن جائزة نوبل، على سبيل المثال، قد مُنِحَت مؤخراً للأبحاث الاستقصائية بشأن الأمراض البريونية؛ وفي سنوات قليلة أثبتت المجلات العلمية المختصة في هذا المجال، مثل مجلة "الأمراض المعدية الناشئة" أنها من مجلات الأمراض المعدية الأكثر تأثيراً. وكل ما سبق يؤكد على أهمية هذا الموضوع ويجعله اختياراً جيداً لجائزة الشيخ حمدان.

تقنية الجراحة التنظيرية

تحمل عمليات الجراحة التقليدية في الصدر والبطن مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض أو حتى الموت، إذ يمكن أن تخلف هذه العمليات شقوقًا طويلة وجروحًا تنطوي على قطع العضلات. وتتسبب هذه الجروح في الشعور بألم ما بعد العملية، مما يجعل من الصعب على المرضى أن يعاودوا الوقوف على أقدامهم سريعاً بعد العمل الجراحي ولا بد من تعاطي أدوية مُسكنة للآلام لعدة أيام بعد العملية. ويمكن أن يسبب الجرح ألمًا عند التنفس فيتجنب المريض التنفس بعمق مما قد يمهد للإصابة بالإنتانات الصدرية المهددة للحياة.
 
وفي العقد المنصرم تزايد الاهتمام لدرجة كبيرة بين الجراحين في مختلف أنحاء العالم بما أُطلق عليه تقنية الجراحة التنظيرية أو جراحة ثقب المفتاح، حيث تُمكن هذه الجراحة من القيام بالإجراءات الجراحية عبر شقوق صغيرة، ويباشر الجراح العملية مستخدماً كاميرا فيديو صغيرة لإظهار الأعضاء الداخلية على شاشة الفيديو. ولهذا، أصبح من الممكن تشخيص مجموعة واسعة من الأمراض وعلاجها، بما في ذلك جميع أعضاء البطن والصدر. ويشهد هذا المجال تقدمًا تقنيًا كبيرًا، مما سيمكننا من علاج حالات الالتهاب والأورام والأمراض التنكسية والسرطان. وهذه الأساليب التقنية الحديثة تقلص فترة الإقامة في المستشفى من 7 – 10 أيام مع الجراحة التقليدية إلى يوم واحد فقط مع الجراحة التنظيرية. ويؤدي هذا إلى التعافي سريعاً وقد يقلل على نحو كبير من خطر الوفاة الناجمة عن المضاعفات التنفسية وغير ذلك من المضاعفات المتعلقة بالجروح "المفتوحة". كذلك فقد أحدث التقدم في تقنية المعلومات ثورة كبيرة في إجراء جراحة ثقب المفتاح "عن بُعد" والتي تُنفذ بأذرع الإنسان الآلي (الروبوت)، كما في صناعة السيارات، حيث يعمل الجراح باستخدام وحدة التحكم القريبة، موجهاً أذرع الإنسان الآلي. ومع أن هذه الطبيقات الآلية ليست متداولة كثيرًا بعد، غير أنه يجب تشجيع تطويرها حتى يمكن توظيف أفضل الخبرات الجراحية لعلاج المرضى في كافة أنحاء المعمورة. وهذا ينطوي على إمكانية هائلة، فإذا تم تطوير التكنولوجيا بما يكفي، فإنه في المستقبل سيكون ممكنًا إجراء العمليات من قبل جراح يتواجد في وحدة التحكم ويتم تنفيذ العملية الفعلية على المريض في مستشفى آخر بل حتى، ربما، في بلد آخر.
 
وقد أحدثت جراحة ثقب المفتاح تغييراً شاملاً في الممارسة الطبية في العقد المنصرم، كما أنها تمتد حالياً لتشمل جراحة الرأس والرقبة والأطراف بما يفيد المرضى في كافة أنحاء العالم. ويحتاج تطوير هذه التقنية إلى دعم قوي من قبل الجراحين الماهرين ممن يعتبرون رائدين فعلاً في هذا المجال.

العلاج الوقائي و اللاتدخلي في أمراض الجهاز الهضمي

من وجهة النظر الطبية إذا أخفقت الوقاية من المرض في تحقيق المرجو منها فسينتهي الأمر بالطبيب إلى اختيار الجراحة أو المعالجة الدوائية (الصيدلة التطبيقية). وفيما يخص أمراض الجهاز الهضمي يبدو جليًا أن اختيارات الأطباء تبتعد عن الجراحة.
 
قرحة الاثني عشر: لقد أصبح علاج القرحة جراحياً عبر قطع العصب المبهم، أو رأب فتحة البواب، أو كلا الأمرين معاً أمرًا من الماضي. وفي واقع الأمر إذا نظرنا إلى محرك البحث "بَبميد" نجد إن آخر النشرات العلمية التي تعتمد هذه الجراحات تعود إلى منتصف السبعينات. ويتزامن تراجع استخدام الجراحة في هذا المجال مع اكتشاف سير جيمس بلاك لمضادات مستقبلات الهيستامين إتش-2 وطرح بارسون لعقار السيميتيدين (تاجميت) في 1974. وفي حين أن تاجميت، وفق ما نعرفه الآن قد لا يكون العقار المثالي، فإنك لا تستطيع أن تقول ذلك للملايين من المرضى الممتنين الذين قد شهدوا الراحة من الألم بفضل ما كان يعد عقاراً رائعاً، وقت طرحه.
 
وقد كانت الخطوة التالية في العلاج الوقائي واللاتداخلي لقرحات السبيل المعدي المعوي العلوي طرح مثبطات مضخة البروتون في أوائل الثمانينات. وفي حين أن العلاج اليومي بمضادات الإفراز لمستقبلات إتش-2 تسيطر على قرحة الاثني عشر بفاعلية وتقلل على نحو ملحوظ من معدل الانتكاس في غضون سنة بعد العلاج من 75 % إلى 25 %، فإن مثبطات مضخة البروتون تخفض من معدل الانتكاس إلى أقل من 10 %.
هذا ويوجد رابط قوي ومثبت بين قرحة الجهاز المعدي المعوي وعدوى المَلْوِيَّة البَوَّابية (هيليكوباكتر بايلوري). ويشمل العلاج الحديث لهذه الحالة صادات حيوية متعددة. وإضافة إلى ذلك، هناك ترابط إيجابي على المستوى الوبائي بين الإصابة بالملوية وخطر الإصابة بسرطان المعدة. وإضافة إلى الأدلة الوبائية، فقد أظهرت التجارب على الحيوانات أن عدوى الملوية تزيد من مخاطر الإصابة بسرطان المعدة.
 
مرض الارتداد (الجَزْر) المعدي المريئي: يبدو أن حدوث هذا المرض في تزايد مستمر ولعله الآن الأكثر شيوعاً من بين أمراض الحموضة المَعِدية في الغرب. وقد أحدثت مثبطات مضخة البروتون تغييراً جذريًا في علاج مرض الارتداد المعدي المريئي. كما أنها، بحسب التجارب السريرية, تتفوق على مضادات الإفراز لمستقبلات إتش-2 في إحداث التئام القرحة (في ثمانية أسابيع بنسبة تتراوح بين 80% - 90% مقابل 50% - 60%)، وتخفيف الأعراض، ومنع الانتكاس من خلال العلاج المحافظ، والفعالية العالية بكلفة أقل. إن الدواء النموذجي لهذه الحالة يجب أن يتصف بمزيج من البدء السريع بالفعل المضاد للإفراز (كما لمضادات مستقبلات الإفراز إتش-2) والتأثير القوي (كمثبطات مضخة البروتون). وتتمتع الفئة الجديدة من هذه الأدوية وهي مثبطات مضخة البروتون القابلة للعكس (مثل المركب ب.واي.841) بهذه الخواص.
 
الأدوية المؤثرة على الحركية المَعِدية: ساهم دواء سيسابرايد على الأرجح في فهمنا لوظائف أعضاء الجهاز المعدي المعوي أكثر من مساهمته في التخفيف من معاناة المرضى، غير أن طرح الجيل الجديد من المواد الناهضة لمستقبلات السيروتونين (رينزابرايد وموزابرايد) يعد وشيكاً للغاية. وإضافة إلى ذلك، فإن الدواء الماكروليدي "اريثروميسين" القديم الجيد يمكن اعتباره أساسًا للفئة الجديدة من الأدوية الناهضة للموتيلين. كما يزيد الاريثروميسين من الانقباض الغاري عبر آليتين: تأثير التقلص العضلي الذي يعمل على مستقبلات موتيلين في العضلات الملساء وتأثير الميقاتية الكولينية، في الجرعات الأقل، الذي تتوسطه مستقبلات موتيلين العصبية.
 
التهاب القولون التقرحي: يتطلب علاج التهاب القولون التقرحي مراجعة الخيارات الطبية والجراحية بعناية. ويتمثل الإجراء الجراحي الأمثل في استئصال القولون والمستقيم مع لحم الجيبة اللفائفية – الشرج، غير أن العلاج الدوائي هو المفضل حاليًا؛ نظراً لوجود خيارات علاجية جديدة.
ويقي التدخين من ظهور التهاب القولون التقرحي، حيث يعد النيكوتين السبب في هذا الأثر الوقائي. وقد أظهرت التجارب المضبطة مدى فعالية النيكوتين عبر الجلد بالنسبة لالتهاب القولون التقرحي؛ حيث إن التطبيق الموضعي للنيكوتين في القولون يقلل من تراكيز النيكوتين في الدم ومن آثاره الجانبية وبالتالي قد تكون له فائدة سريرية. إذ أنه على الرغم من استخدام جرعة عالية من الكورتيكوستيرويدات عبر الوريد، يبدي 20% إلى 30% من المرضى استجابة ضعيفة ويتطلبون جراحة عاجلة. وقد أثبت استخدام العقارات المثبطة للمناعة (السيكلوسبورين) عبر الوريد أنها فعالة في خفض معدل التدخل الجراحي الفوري في هذه المجموعة من المرضى غير المستجيبين، كما أن استخدامها يبدو آمناً.
 
مرض كرون: يعد عقار إنفليكسيماب ضدًا خيمريًا وحيد النسيلة يرتبط إلى عامل نخر الورم – ألفا – ويوقف فعله. ويؤدي عامل نخر الورم (ألفا) دوراً مهماً في حدوث كلٍ من مرض كرون والتهاب المفاصل الرثياني. وفي دراسة كبيرة ومزدوجة التعمية وعشوائية تضمنت مرضى يعانون من مرض كرون النشط والمقاوم للعلاج، حقق إنفليكسيماب عبر الوريد، مقارنة بالأدوية الوهمية، استجابة سريرية على نحو كبير بعد أربعة (4) أسابيع من المتابعة. وإضافة إلى ذلك، فقد اقترن تناول عقار الإنفليكسيماب بتحسن سريع في الموجودات التنظيرية والنسيجية عند مرضى يعانون من مرض كرون النشط والمقاوم للعلاج.
 
إن إمكانية، وإلى حد معين حقيقة، استخدام العلاج غير الجراحي للأمراض الخطيرة التي جرت العادة أن تعالج جراحيًا يعد "موضوعًا ساخنًا" في العلوم الطبية. كما أن نتائج هذا التوجه، إذا تمت الأمور على ما يرام، ستكون بالتأكيد استثنائية وذات فائدة جمة على مستوى الصحة العامة. بحيث يمكن أن يتغير طب القرن الحادي والعشرين لدرجة كبيرة ومذهلة.
 
كل ما سبق يؤكد على أهمية هذا الموضوع ويجعله اختياراً جيداً لجائزة الشيخ حمدان المرموقة.

 


الفائزون